السبت، 2 يونيو 2012

ترجمة وافية للامام القرافي رحمه الله


القرافي : حياة مباركة 
الباحثة : فوزية بنت هاجس الشمري
اسمه ونسبه ([1]):
اسمه: أحمد بن أبي العلاء إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله الصنهاجي ([2]) البهفشيمي ([3]) البهنسي ([4]) المصري.
كنيته: أبو العباس، وإن كان من ترجم له لم يذكر أن له ابناً اسمه العباس، ولا أنه تزوج، ولا غضاضة في ذلك عند العرب، فقد يكنى الرجل وإن لم يكن له ولد في الواقع.
لقبه: شهاب الدين.
وشهرته: القرافي.
وقد ذكر سبب شهرته هذه في كتابه العقد المنظوم في الباب الثالث عشر في صيغ العموم المستفادة من النقل العرفي دون الوضع اللغوي بقوله: « وهذا الباب يكون العموم فيه مستفاداً من النقل خاصة، وذلك هو أسماء القبائل التي كان أصل تلك الأسماء لأشخاص معينة من الآدميين كتيم وهاشم، أو لماء من المياه كغسان، أو لامرأة كالقرافة، فإنه اسم لجدة القبيلة المسماة بالقرافة، ونزلت هذه القبيلة بسقع([5]) من أسقاع مصر لَمّا اختطها عمرو بن العاص ومن معه من الصحابة ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ فعرف ذلك السقع بالقرافة، وهو الكائن بين مصر وبركة الأشراف وهو المسمى بالقرافة الكبيرة.
وأما سفح المقطم فمدفن ويسمى بالقرافة للمجاورة تبعاً، ولذلك قيل له: القرافة الصغيرة ... واشتهاري بالقرافي ليس لأني من سلالة هذه القبيلة، بل للسكن بالبقعة الخاصة مدة يسيرة، فاتفق الاشتهار بذلك » ([6]).
وهذا التوجيه الذي ذكره القرافي يتفق مع ما نقله ابن فرحون([7]) عن بعض تلامذته، بقوله: « ذكر لي بعض تلامذته: أن سبب شهرته بالقرافي أنه لَمّا أراد الكاتب أن يُثبت اسمه في بيت ([8]) الدرس كان حينئذ غائباً فلم يعرف اسمه، وكان إذا جاء للدرس يُقبل من جهة القرافة ، فكُتِب (القرافي) فجرت عليه هذه التسمية»([9]).
مولده ونشأته:
ذكر القرافي سنة مولده ونشأته بقوله: «ونشأتي ومولدي بمصر سنة ست وعشرين وستمائة»([10]).
وأما مكان ولادته فقد وُلد في قرية من كُورَة بُوش([11]) من صعيد مصر الأسفل، تعرف ببهفشيم.
طلبه للعلم وشيوخه:
نشأ الإمام القرافي في مصر، وكانت مصر آنذاك بلد العلم والعلماء، وقد بدأ القرافي حياته العلمية من مسقط رأسه؛ حيث تعلم القراءة والكتابة والقرآن في كُتّاب القرية كعادة الطلاب في ذلك العصر، وكان جادّا في طلب العلم منذ نعومة أظفاره، وقد رحل من قريته لطلب العلم فقصد القاهرة لينهل من معين العلم في مدارسها وعلى يد كبار العلماء هناك، حيث كانت مصر تموج ـ في ذلك الوقت ـ بجهابذة العلماء الذين جاؤوا إليها من بغداد والشام والأندلس، بعدما ابتليت ديارهم بالغزو الصليبي، ثم إنهم قد وجدوا التشجيع والعناية من ملوك مصر وسلاطينها.
وقد انتمى القرافي أول مجيئه لمدرسة الصاحب بن شكر، وكان أحد طلابها الذين توزع عليهم مكافآتها ([12]).
ثم لازم العلماء وأخذ عنهم.
وظهر لي من خلال كتبه أن له لساناً سؤولاً، وقلباً عقولاً، وكان صبوراً ولحوحاً في البحث عن إجابات لسؤالاته، فربما أمضى عدة سنوات وهو يبحث عن إجابة لسؤال واحد.
يقول في أول فروقه: « الفرق الأول: بين الشهادة والرواية: ابتدأت بهذا الفرق لأني أقمت أطلبه نحو ثمان سنين فلم أظفر به، وأسأل الفضلاء عن الفرق بينهما ...»([13])، وفي موضع آخر يقول: « وأما التضمن فهو عسر جداً، وسألت عنه جماعة من الفضلاء فلم أجد منه عندهم شيئاً » ([14]).
وقد درس القرافي على يد كثير من علماء عصره الأفذاذ، مثل: العز بن عبد السلام([15])،


وابن الحاجب ([16])، والخُسْرَوشاهي ([17])، والشريف الكركي ([18])، وشمس الدين أبي بكر محمد المقدسي ([19])، وصدر الدين الحنفي ([20]).
فظهر أن القرافي قد درس على أيدي علماء من المذاهب الفقهية الأربعة، وهذا يكشف سر معرفته بآراء علماء المذاهب في مسائل الفقه المختلفة، والتي يذكرها في كتبه.
تلاميذه:
لما بلغ القرافي منزلة عالية في العلوم الشرعية والعقلية، وبعد أن تخرج من أفضل المدارس في مصر، وعلى أيدي أفضل علمائها، مع ما امتاز به من ذكاء وعقلية فريدة، مع الاجتهاد وعدم التعصب، وحسن المناقشة، تأهل للتدريس في أشهر مدارس مصر، مثل: المدرسة الصاحبية، ومدرسة طيبرس، والمدرسة الصالحية، وجامع مصر ([21]).
وقد أقبل عليه الطلبة وقصدوه من كل حدب وصوب.
وكان من تلاميذه: ابن بنت الأعز([22]).


والبقوري([23])، وشهاب الدين المرداوي([24])، وتاج الدين الفاكهاني([25])، وابن راشد القفصي([26]).
مذهبه الفقهي وعقيدته:
ذكر جميع  من ترجم للقرافي أنه مالكي المذهب ([27])، بل إن من تصفح كتبه بدا له واضحاً أن القرافي مالكي المذهب، فقد قال في مقدمة كتابه الذخيرة: « فإن الفقه عماد الحق ونظام الخلق، ووسيلة السعادة الأبدية، ولباب الرسالة المحمدية، من تحلى بلباسه فقد ساد ... وأقربه إلى الحق طريقاً مذهب إمام دار الهجرة النبوية واختيارات آرائه المرضية لأمور ... » ([28]).
ويقصد بإمام دار الهجرة النبوية: الإمام مالك ([29]) ـ رحمه الله ـ .
ثم يقول: «ولما وهبني الله من فضله أن جعلني من جملة طلبته الكاتبين في صحيفته، تعين علي القيام بحقه بحسب الإمكان» ([30]).
ثم يقول: « وقد آثرت أن أجمع بين الكتب الخمسة التي عكف عليها المالكيون شرقاً وغرباً ...  وهي المدونة، والجواهر، والتلقين، والجلاب، والرسالة » ([31]).
وهذه كلها كتب في المذهب المالكي.
أما عقيدته: فهو أشعري المذهب ([32]).
صرح بذلك في أكثر من موضع من كتبه.
يقول عند الكلام عند حكم الأشياء قبل الشرع ـ في اعتراض له على الرازي([33])ـ: « وليس كما قال [لأنا أيها] ([34]) الأشاعرة نجوّز تكليف ما لا يطاق » ([35]).
وفي موضع آخر في مسألة في حد الأمر يقول: « عدم اعتباره هو مذهب جمهور أصحابنا الأشعريين » ([36]).
هذا بالإضافة إلى آرائه العقدية التي تنسب للأشاعرة ([37]).

مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:
تتجلى مكانة القرافي العلمية في عدة أمور:
1ـ  ما تركه ـ رحمه الله ـ من مؤلفات بديعة في مختلف العلوم، كما مرّ قبل قليل.
2ـ  تدريسه في كبريات المدارس في عصره وتخريجه لعدد من طلبة العلم الذين يشار إليهم بالبنان.
3ـ  تميز القرافي بالاجتهاد وعدم التعصب للمذهب، وهذا يظهر لكل من طالع كتبه.
4ـ  تفوقه في العلوم العقلية، بالإضافة إلى علوم الشريعة التي برّز فيها، ولعل من طالع كتابه الاستبصار فيما يدرك بالأبصار يظهر له ذلك جلياً.
5ـ  تميزه بالمواهب الفنية والمهارة الصناعية، حيث ذكر في كتابه نفائس الأصول أنه صنع شمعداناً للملك الكامل ([38])، وفيه تمييز لساعات الليل، وتنبيه على وقت الفجر، كما صنع أيضاً ما يشبه الإنسان الآلي اليوم.
وقد عبر بعض علماء عصره عن هذا التميز والفضل، ومنهم صاحب الوافي بالوفيات حيث قال عن القرافي: «وصنف في أصول الفقه الكتب المفيدة، وأفاد واستفاد منه الفقهاء» ([39]).
وقال عنه الفقيه العلامة ابن فرحون: « كان إماماً بارعاً في الفقه والأصول، والعلوم العقلية، وله معرفة بالتفسير، وتخرج به جمع من الفضلاء ... كان أحسن من ألقى الدروس، وحُلّي من بديع كلامه نحور الطروس، إن عرضت حادثة فبحسن توضيحه تزول وبزمته تحول ... سارت مصنفاته مسير الشمس، ورزق فيها الحظ السامي عن اللمس ...» ([40]).
ثم ذكر أن الشافعية والمالكية أجمعوا على أن أفضل أهل عصرهم بالديار المصرية ثلاثة: وعدُّوا القرافي بمصر القديمة ([41]).
ـ وفاته:
توفي القرافي ـ رحمه الله ـ بدير الطين ظاهر مصر، في جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وستمائة، عن عمر يناهز ثمانية وخمسين عاماً، ودفن بالقرافة ([42]).



نقلا من كتاب :



« الفروق في القواعد والضوابط الفقهية عند الإمام القرافي ـ رحمه الله ـ في غير العبادات والمعاملات، جمعاً وتوثيقاً ودراسة ».
للباحثة :
فوزية بنت هاجس الشمري

([1]) انظر ترجمته في : الوافي بالوفيات (6/233) والديباج المذهب (1/205) والمنهل الصافي (1/215) وهدية العارفين (5/99) وشجرة النور الزكية (188، 189) والأعلام (1/94، 95) ومعجم المؤلفين (100).
بالإضافة إلى الكتب المؤلفة في ترجمته خاصة، مثل: الإمام الشهاب القرافي وأثره في الفقه الإسلامي، للدكتور/عبد الله صلاح، والإمام الشهاب القرافي حلقة وصل بين المشرق والمغرب في مذهب الإمام مالك في القرن السابع، للأستاذ الوكيلي، وشهاب الدين القرافي حياته وآراؤه الأصولية، للدكتور/عياض السلمي.
([2]) نسبة إلى صنهاجة: وهي بطن من بطون قبائل البربر، تسكن مراكش بالمغرب. انظر : جمهرة أنساب العرب (495).
([3]) البهفشيمي : نسبة إلى بهفشيم من قرى صعيد مصر، ذكر الصفدي أن أصل الإمام من هذه القرية.انظر:المنهل الصافي(1/215).
([4]) البهنسي: نسبة إلى مدينة البهنسا، بلد بصعيد مصر ولد فيها القرافي.انظر: معجم البلدان(1/516-517).
([5]) السقع: لغة في الصقع، ويقال: ما أدري أين سقع، أي: ذهب، والسقع: الناحية. والسقاع: لغة في الصقاع. انظر : الصحاح (3/1023).
([6]) العقد المنظوم (1/439، 440).
([7]) هو : أبو الوفاء ، إبراهيم بن علي بن محمد بن محمد بن محمد ابن فرحون اليعمري المدني برهان الدين، فقيه مالكي ، تولى القضاء بالمدينة النبوية ، من مؤلفاته : تبصرة الحكام في علم القضاء، والديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب ، ودرة الغواص في محاضرة الخواص، ولد سنة (719هـ) وقيل : غير ذلك ، وتوفي سنة (799هـ) .
انظر ترجمته في : الدرر الكامنة (1/34) وتوشيح الديباج ص (23) وشجرة النور (1/319).
([8]) هكذا، ولعل الصحيح (ثبت) الدرس، كما نبه على ذلك أكثر الباحثين.
([9]) الديباج المذهب (1/207).
([10]) العقد المنظوم (1/440).
([11]) بوش: « مدينة بمصر من نواحي الصعيد الأدنى في غربي النيل بعيدة عن الشاطئ »، معجم البلدان (1/602)، والكُورة ـ بضم الكاف وفتح الراء ـ : المدينة. انظر : الصحاح (2/692).
([12]) انظر : الوافي بالوفيات (6/233).
([13]) الفروق (1/4).
([14]) نفائس الأصول (5/2080).
([15]) هو : أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي الدمشقي ثم المصري الشافعي، ولد سنة (577هـ) وقيل: (578هـ)، تفقه على يد الشيخ فخر الدين ابن عساكر، وقرأ الأصول على الشيخ سيف الدين الآمدي، كما أخذ عن غيرهم.
وتتلمذ على يديه خلق كثير منهم: ابن دقيق العيد، وهو الذي لقب الشيخ عز الدين بسلطان العلماء، ومن تلاميذه ـ أيضاً ـ علاء الدين أبو الحسن الباجي.
درّس بدمشق إلى أن أثناء أيام الصالح إسماعيل المعروف بأبي الخيش، ولما استعان أبو الخيش بالفرنج وأعطاهم مدينة صيدا وقلعة الشقيق، أنكر عليه الشيخ عز الدين، وترك الدعاء له في الخطبة، وساعده في ذلك أبو عمرو بن الحاجب المالكي، فغضب السلطان منهما، فخرجا إلى الديار المصرية في حدود سنة (639هـ)، وتوجه إلى القاهرة فأكرمه سلطانها الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل، وولاه خطابة جامع عمرو بن العاص بمصر والقضاء بها، ثم بنى السلطان مدرسة الصالحية وفوضه تدريس الشافعية، من آثاره: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، وفوائد البلوى والمحن، اشتهر بالزهد والصلابة في الدين، توفي بمصر سنة (660هـ) ودفن بالقرافة.
انظر : طبقات الشافعية الكبرى (4/354-385) وشذرات الذهب (5/439، 440).
([16]) هو : أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الدوني المصري ثم الدمشقي ثم الإسكندري، الملقب بجمال الدين، كردي الأصل، عُرف بابن الحاجب؛ لأن والده كان حاجب الأمير عز الدين موسك الصلاحي، ولد بإسنا بالصعيد سنة (590هـ)، كان فقيهاً مالكياً جمع بين علوم شتى مثل الأصول والعربية والقراءات، وكان ثقة حجة متواضعاً عفيفاً صبوراً على البلوى، أخذ عن أبي الحسن الأبياري، وقرأ على الإمام الشاطبي القراءات، وتتلمذ على يديه: الشهاب القرافي، وابن المنيّر، وناصر الدين الأبياري، له مصنفات مفيدة، منها: الجامع بين الأمهات في الفقه، والكافية في النحو، ومختصر المنتهى في أصول الفقه، والأمالي في القراءات، وغيرها، توفي بالإسكندرية في شوال سنة (646هـ).
انظر : الديباج المذهب (2/78-82) وشجرة النور الزكية (167، 168).
([17]) هو: أبو محمد عبد الحميد بن عيسى بن عمّويه بن يونس بن خليل الشافعي، وخُسْرَوشاه: من قرى تبريز، ولد سنة (580هـ) بها، كان فقيهاً أصولياً متكلماً محققاً بارعاً في المعقولات والفلسفة، أخذ عن: المؤيد الطوسي، وفخر الدين الرازي، ومن تلاميذه: الدمياطي، والخطيب زين الدين بن المرحل، من مصنفاته: مختصر المهذب في الفقه، ومختصر المقالات لابن سينا، توفي بدمشق سنة (652هـ) ودفن بقاسيون.
انظر : طبقات الشافعية الكبرى (4/327) وشذرات الذهب (5/385، 386).
([18]) هو: أبو محمد، محمد بن عمران بن موسى بن عبد العزيز، يلقب بشرف الدين، ويعرف بالشريف الكركي، ولد بمدينة فاس من بلاد المغرب، كان شيخ المالكية والشافعية بالديار المصرية والشامية في وقته، قال عنه تلميذه القرافي: « إنه تفرد بمعرفة ثلاثين علماً وحده، وشارك الناس في علومهم »، أخذ عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام الفقه الشافعي، وأخذ عن الشيخ أبي محمد صالح ـ فقيه المغرب في وقته ـ المذهب المالكي، توفي بمصر سنة (688هـ) وقيل: (689هـ). انظر : الديباج (2/305، 306) .
([19]) هو : محمد بن الشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي المولود في صفر سنة (603هـ) بدمشق، ثم رحل إلى بغداد وأقام بها وتزوج بها وولد له، وتفقه بها، ثم انتقل إلى مصر وسكنها إلى أن مات، وصار شيخ المذهب الحنبلي علماً وصلاحاً وديانة، وولي بها مشيخة خانقاه سعيد السعداء، وتدريس المدرسة الصالحية، ثم ولي قضاء القضاة مدة، ثم عزل منه واعتقل مدة ثم أطلق فأقام بمنزله يدرّس بالصالحية ويفتي ويقرئ العلم، وقد أخذ العلم عن الكندي، والشيخ موفق الدين ابن قدامة، وسمع منه الكبار منهم: الدمياطي، والحارثي، والأسعردي، وغيرهم، من مؤلفاته: وصول ثواب القرآن، وقد سمع عليه القرافي، توفي في المحرم من سنة (676هـ) ودفن بالقرافة.
انظر : الذيل على طبقات الحنابلة (2/294) وشذرات الذهب (6/7، 8) والديباج (1/206).
([20]) هو : سليمان بن أبي العز بن وهيب الأذرعي ـ نسبة إلى أذرعات ناحية بالشام ـ ثم الدمشقي، المولود سنة (594هـ) شيخ الحنفية، انتهت إليه رئاسة المذهب في زمانه، وتولى القضاء بمصر والشام، ودرّس بمصر مدة في المدرسة الصالحية، تفقه على الحصري، ومن تلاميذه: الشهاب القرافي، فقد ذكر القرافي سماعه منه في أكثر من موضع في كتابه الفروق، له مصنفات مفيدة منها: الوجيز الجامع لمسائل الجامع، توفي ـ رحمه الله ـ سنة (677هـ) ودفن بقاسيون.
انظر : طبقات الحنفية لابن أبي الوفاء (1/252، 253) وشذرات الذهب (6/11/ 12).
([21]) انظر : الإمام الشهاب القرافي للوكيلي (1/237، 238).
([22]) هو : عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف بن بدر العلامي، قاضي القضاة، تقي الدين، ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز، كان فقيهاً نحوياً أديباً ديناً، من أحسن القضاة سيرة، جمع بين القضاء والوزارة، وولي مشيخة الخانقاه، وخطابة جامع الأزهر، وتدريس الشريفية، جرت له محنة مع السلطان الملك الأشرف بسبب أن وزيره السلعوس كان يكرهه، وحُبس على إثرها وعُزل، ثم أُخرج من الحبس وأقام بالقرافة مدة ثم توجه إلى الحجاز ومدح سيدنا رسول الله × بقصائد جميلة، وقد أعيد للقضاء بعد مقتل السلطان الأشرف ووزيره، درس على يد المنذري، والعطار، وقرأ الأصول على القرافي، وتعليقة القرافي على المنتخب إنما صنعها لأجله، توفي بالقاهرة سنة (695هـ) كهلاً، ودفن بالقرافة.
انظر : طبقات الشافعية الكبرى (4/333، 334) وشذرات الذهب (6/100، 101) والبداية والنهاية (17/690).
([23]) هو : محمد بن إبراهيم بن محمد، كنيته: أبو عبد الله، ولقبه: البقّوري، نسبة إلى بقّور: بلد بالأندلس، اشتهر بالزهد ورقة القلب، سمع من القاضي الشريف أبي عبد الله محمد الأندلسي، وأخذ عن الإمام القرافي، واختصر فروقه ورتبها وهذبها، وله إكمال الإكمال على صحيح مسلم، قدم إلى مصر وجلس بها مدة ثم رجع إلى مراكش فتوفي بها سنة (707هـ).
انظر: الديباج (2/295) وشجرة النور الزكية (211) والإمام الشهاب القرافي للوكيلي (1/246-249).
([24]) هو : أبو العباس، أحمد بن محمد بن عبد الولي بن جبارة المقدسي، المولود سنة (647هـ) أو (648هـ) فقيه حنبلي، وأصولي نحوي، ومقرئ بارع ذو صلاح ودين وزهد، ارتحل إلى مصر وأخذ عن علمائها مثل الشيخ حسن الراشدي، قرأ عليه القراءات وصحبه إلى أن مات، وقرأ على الإمام القرافي الأصول، وعلى ابن النحاس العربية، ثم قدم دمشق وتحول إلى حلب ودرّس بها، ثم استوطن بيت المقدس، صنّف شرحاً كبيراً على الشاطبية، وتفسيراً، وأشياء في القراءات، توفي بالقدس سنة (728هـ).
انظر : الدرر الكامنة (1/276، 277) وشذرات الذهب (6/248).
([25]) هو : أبو حفص، عمر بن أبي اليمن علي بن سالم بن صدقة اللخمي الإسكندري الشهير بتاج الدين الفاكهاني، المولود سنة (654هـ) بالإسكندرية، فقيه فاضل عالم متفنن في الحديث والفقه والأصول والعربية والأدب، وكان على حظ وافر من الدين والصلاح وحسن الأخلاق، درس القراءات على يد أبي عبد الله الملقب بحافي رأسه، وسمع من ابن قرطال والإمام القرافي وابن دقيق العيد وغيرهم، له مصنفات منها: شرح العمدة في الحديث، وشرح الأربعين للنووي، والإشارات في العربية، توفي بالإسكندرية سنة (734هـ) ودفن ظاهر باب البحر.
انظر : الديباج (2/72-74) وشجرة النور الزكية (204، 205).
([26]) هو : أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن راشد البكري القفصي، نسبة إلى قفصة مدينة في المغرب، كان فقيهاً فاضلاً ومتفنناً في العلوم، وكان مجيداً في العربية والأدب، اشتغل ببلده وحصّل ثم رحل إلى تونس فأقام بها زماناً ملازماً للاشتغال بالعلم، ثم رحل إلى المشرق فتفقه بالإسكندرية بالقاضي الأبياري، وتفقه ـ أيضاً ـ بضياء الدين بن العلاف ، وحافي رأسه ، ثم رحل إلى القاهرة وتفقه على الإمام القرافي، وأجازه بالإمامة في أصول الفقه وفي الفقه، حج في سنة (680هـ) ثم رجع إلى المغرب وولي قضاء قَفْصه ثم عُزل، أخذ عنه جماعة منهم: ابن مرزوق الجد، والشيخ عفيف الدين المصري، له تآليف منها: الشهاب الثاقب في شرح مختصر ابن الحاجب، والمذهب في ضبط قواعد المذهب، وكتاب النظم البديع في اختصار التفريع، توفي بتونس سنة (736هـ).
انظر : الديباج (2/308، 309) وشجرة النور الزكية (207، 208).
([27]) بيّن القرافي معنى قولهم : (هذا مذهب مالك) بقوله: « إذا قيل لك ما مذهب مالك؟ فقل: ما اختص به من الأحكام الشرعية الفروعية الاجتهادية، وما اختص به من أسباب الأحكام والشروط والموانع والحجاج المثبتة لها » . الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام (195).
وذكر أن الأحكام المجمع عليها التي لا تختص بمذهب، نحو وجوب الزكاة والصوم، لا يصح أن يقال إنها مذهب مالك أو الشافعي، فإن هذه الأمور مذهب إجماع الأمة.
([28]) الذخيرة (1/34).
([29]) هو : أبو عبد الله، مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، إليه ينسب المذهب الفقهي المشهور، من مصنفاته: الموطأ، ورسالة في القدر، ولد سنة (93هـ) وقيل: غير ذلك، وتوفي سنة (179هـ). انظر ترجمته في: الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء (9-47) وترتيب المدارك (102) وأصول فقه الإمام مالك أدلته النقلية (1/145-334).
([30]) الذخيرة (1/35، 36).
([31]) المصدر السابق.
([32]) الأشعرية: إحدى الفرق الإسلامية، تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري ، ويختلفون مع مذهب السلف في بعض أبواب الاعتقاد، فهم يثبتون من صفات الله سبعاً، ويؤولون ما ورد من سائر الصفات، ومن مذهبهم تأويل استواء الله بالاستيلاء، والإيمان عندهم هو التصديق فقط، وأن كلامه تعالى معنى قديم قائم بذاته.
انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/40– 44)، ومجموع فتاوى ابن تيمية (6/52، 12/33).
([33]) هو : أبو عبد الله، محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين، فخر الدين الرازي القرشي الشافعي، مبرّز في العلوم العقلية، من مصنفاته: المحصول في الأصول، والتفسير الكبير، ولد سنة (543هـ) وقيل: غير ذلك، وتوفي سنة (606هـ).
انظر ترجمته في: طبقات الشافعية الكبرى (8/81-96) وطبقات الشافعية للإسنوي (2/123، 124).
([34]) في المطبوعة : (لا يا أيها الأشاعرة) والصحيح: المثبَت. انظر : شهاب الدين القرافي للسلمي (28).
([35]) نفائس الأصول (1/419).
([36]) المصدر السابق (3/169).
([37]) انظر : الإمام الشهاب القرافي للوكيلي (1/504، 505) ونفائس الأصول (1/396).
([38]) انظر : نفائس الأصول (1/441، 442).
([39]) الوافي بالوفيات (6/233).
([40]) الديباج (1/206).
([41]) انظر : الديباج (1/207).
([42]) انظر : الديباج المذهب (1/208).


هناك 3 تعليقات: